سورة الكهف - تفسير تفسير الخازن

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الكهف)


        


قوله عز وجل: {ووضع الكتاب} يعني صحائف أعمال العباد توضع في أيدي الناس في أيمانهم وشمائلهم، وقيل توضع بين يدي الله تعالى {فترى المجرمين مشفقين} أي خائفين {مما فيه} يعني من الأعمال السيئة {ويقولون} يعني إذا رأوها {يا وليتنا} أي يا هلاكنا وكل من وقع في هلكة دعا بالويل {مال هذا الكتاب لا يغادر} أي لا يترك {صغيرة ولا كبيرة} إي من ذنوبنا الصغيرة {إلا أحصاها} أي عدها وكتبها وأثبتها فيه وحفظها، قال ابن عباس: الصغيرة التبسم والكبيرة القهقهة. وقال سعيد بن جبير: الصغيرة اللمم واللمس والقبلة والكبيرة الزنا عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب مثل قوم نزلوا في بطن واد فجاء هذا بعود وجاء هذا بعود فانضجوا خبزهم وإن محقرات الذنوب لموبقات» الحقير الشيء الصغير التافه وقوله لموبقات أي مهلكات. {ووجدوا ما عملوا حاضراً} أي مكتوباً أي مثبتاً في كتابهم {ولا يظلم ربك أحداً} أي لا ينقص ثواب أحد عمل خيراً ولا يؤاخذ أحداً بجرم لم يعمله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه سلم: «يعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة فعند ذلك تطير الصحف في الأيدي فآخذ بيمينه وآخذ بشماله» أخرجه الترمذي. وقال لا يصح هذا الحديث من قبل أن الحسن لم يسمع من أبي هريرة وقد رواه بعضهم عن الحسن عن أبي موسى. قوله سبحانه وتعالى: {وإذ قلنا} أي واذكر يا محمد إذ قلنا {للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس كان من الجن} قال ابن عباس: كان من حي من الملائكة يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم وقال الحسن: كان من الجن ولم يكن من الملائكة فهو أصل الجن، كما أن آدم أصل الإنس وكونه من الملائكة لا ينافي كونه من الجن بدليل قوله سبحانه تعالى وجعلوا بينه وبين الجنة نسباً، وذلك أن قريشاً قالت الملائكة بنات الله، فهذا يدل على أن الملك يسمى جناً ويعضده اللغة لأن الجن مأخوذ من الاجتنان، وهو الستر فعلى هذا تدخل الملائكة فيه فكل الملائكة جن لاستتارهم وليس كل جن ملائكة، ووجه كونه من الملائكة أن الله سبحانه وتعالى استثناه من الملائكة والاستثناء يفيد إخراج ما لولاه لدخل ويصح دخوله وذلك يوجب كونه من الملائكة ووجه من قال إنه كان من الجن ولم يكن من الملائكة قوله كان من الجن والجن جنس مخالف للملائكة قوله أفتتخذونه وذريته فأثبت له ذرية والملائكة لا ذرية لهم، وأجيب عن الاستثناء أنه استثناء منقطع وهو مشهور في كلام العرب قال الله سبحانه وتعالى: {وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبد ون إلا الذي فطرني} وقال تعالى: {لا يسمعون فيها لغواً إلا سلاماً} قيل إنه كان من الملائكة فلما خالف الأمر مسخ وغير وطرد ولعن. وقوله تعالى: {ففسق عن أمر ربه} أي خرج عن طاعة ربه {أفتتخذونه} يعني يا بني آدم أفتتخذون إبليس {وذريته أولياء من دوني وهم لكم عدو} يعني أعداء روي مجاهد عن الشعبي قال: إني لقاعد يوماً إذ أقبل رجل فقال أخبرني هل لإبليس زوجة قلت إن ذلك العرس ما شهدته ثم ذكرت قول الله عز وجل: {أفتتخذونه وذريته أولياء من دوني} فعلمت أنه لا تكون ذرية إلا من زوجة فقلت نعم، قيل يتوالدون كما يتوالد ابن آدم. وقيل إنه يدخل ذنبه في دبره فيبيض فتنفلق البيضة عن جماعة من الشياطين. قال مجاهد: من ذرية إبليس لا قيس وولها وهو صاحب الطهارة والصلاة والهفاف ومره وبه يكنى، وزلنبور وهو صاحب الأسواق يزين اللغو والحلف الكاذب ومدح السلع وبتر وهو صاحب المصائب يزين خمش الوجوه ولطم الخدود وشق الجيوب، والأعور وهو صاحب الزنا ينفخ في إحليل ا لرجل وعجيزة المرأة، ومطموس وهو صاحب الأخبار الكاذبة يلقيها في أفواه الناس لا يجدون لها أصلاً، وداسم وهو الذي إذا دخل الرجل بيته ولم يسلم ولم يذكر الله بصره من المتاع ما لم يرفع أو يحسن موضعه وإذا أكل ولم يسم أكل معه، قال الأعمش: ربما دخلت البيت ولم أذكر أسم الله ولم أسلم فرأيت مطهرة فقلت ارفعوا هذه وخاصمتهم ثم أذكر فأقول داسم داسم أعوذ بالله منه، روى أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن للوضوء شيطاناً يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء» أخرجه الترمذي.
(م) عن عثمان بن أبي العاص قال: قلت يا رسول الله إن الشيطان قد حال بين وبين صلاتي وبين قراءتي يلبسها علي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ذلك شيطان يقال له خنزب، فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل على يسارك ثلاثاً» قال ففعلت ذلك فأذهبه الله عني.
(م) عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إن إبليس يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه فأدناهم منه منزلة أعظمهم فتنة يجيء أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا فيقول ما صنعت شيئاً ثم يجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين امرأته قال فيدنيه منه ويقول نعم أنت» قال الأعمش أراه قال فليتزمه. وقوله: {بئس للظالمين بدلاً} يعني بئس ما استبدلوا طاعة إبليس وذريته بعبادة ربهم وطاعته. قوله سبحانه وتعالى: {ما أشهدتهم} أي ما أحضرتهم يعني إبليس وذريته وقيل الكفار وقيل الملائكة {خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم} والمعنى ما أشهدتهم خلقها فأستعين بهم على خلقها وأشاورهم فيها {وما كنت متخذ المضلين} يعني الشياطين الذين يضلون الناس {عضداً} يعني أنصاراً وأعواناً.


قوله عز وجل: {ويوم يقول نادوا} يعني يقول الله تعالى يوم القيامة نادوا {شركائي} يعني الأصنام {الذين زعمتم} يعني أنهم شركائي {فدعوهم} أي فاستغاثوا بهم {فلم يستجيبوا لهم} أي فلم يجيبوهم ولم ينصروهم {وجعلنا بينهم} يعني بين الأصنام وعبد تها وقيل بين أهل الهدى وبين أهل الضلال {موبقاً} يعني مهلكاً قال ابن عباس: هو واد في النار وقيل نهر تسيل منه نار وعلى حافتيه حيات مثل البغال الدهم وقيل كل حاجز بين شيئين فهو موبق وأصله الهلاك {ورأى المجرمون} أي المشركون {النار فظنوا} أي أيقنوا {أنهم مواقعوها} أي داخلوها وواقعون فيها {ولم يجدوا عنها مصرفاً} أي معدلاً لأنها أحاطت بهم من كل جانب وقيل لأن الملائكة تسوقهم إليها. قوله سبحانه وتعالى: {ولقد صرفنا} أي بينا {في هذا القرآن للناس من كل مثل} أي ليتذكروا ويتعظوا {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} أي خصومة في الباطل قال ابن عباس: أراد النضر بن الحارث وجداله في القرآن وقيل أراد به أبي بن خلف وقيل أراد به جميع الكفار وقيل الآية على العموم وهو الأصح.
(ق) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلاً فقال: «ألا تصليان» فقلت يا رسول الله أنفسنا بيد الله تعالى فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قلت ذلك ولم يرجع إلى شيئاً ثم سمعته يقول وهو مول يضرب فخذه بيده {وكان الإنسان أكثر شيء جدلاً} قوله عز وجل: {وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم الهدى} يعني القرآن وأحكام الإسلام والبيان من الله تعالى وقيل إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم {ويستغفروا ربهم} والمعنى أنه لا مانع من الإيمان ولا من الاستغفار والتوبة والتخلية حاصلة والأعذار زائلة فلم لم يقدموا على الإيمان والاستغفار {إلا أن تأتيهم سنة الأولين} يعني سنتنا بإهلاك الأولين إن لم يؤمنوا وهو عذاب الاستئصال {أو يأتيهم العذاب قبلاً} قال ابن عباس: أي عياناً من المقابلة وقيل فجأة. قوله سبحانه وتعالى: {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين} أي بالثواب على الطاعة {ومنذرين} بالعقاب لمن عصى {ويجادل الذين كفروا بالباطل} هو قولهم {أبعث الله بشراً رسولاً} وقولهم للرسل {ما أنتم إلا بشر مثلنا} وشبه ذلك {ليدحضوا} أي ليبطلوا {به الحق} ويزيلوه {واتخذوا آياتي وما أنذروا هزواً} فيه إضمار يعني اتخذوا ما أنذروا به وهو القرآن استهزاء. قوله عز وجل: {ومن أظلم ممن ذكر} أي وعظ {بآيات ربه فأعرض عنها} أي تولى عنها وتركها ولم يؤمن بها {ونسي ما قدمت يداه} أي ما عمل من المعاصي من قبل {إنا جعلنا على قلوبهم أكنة} أي أغطية {أن يفقهوه} يريد لئلا يفهموه {وفي آذانهم وقراً} أي ثقلاً وصماً {وإن تدعهم} يا محمد {إلى الهدى} أي الدين {فلن يهتدوا إذاً أبداً} وهذا في أقوام علم الله منهم أنهم لا يؤمنون {وربك الغفور} أي البليغ المغفرة {ذو الرحمة} أي الموصوف بالرحمة {لو يؤآخذهم} أي يعاقب الكفار {بما كسبوا} من الذنوب {لعجل لهم العذاب} أي في الدنيا {بل لهم موعد} يعني البعث والحساب {لن يجدوا من دونه موئلاً} أي ملجأ {وتلك القرى} قرى قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وغيرهم {أهلكناهم لما ظلموا} أي كفروا {وجعلنا لمهلكهم موعداً} أي أجلاً لإهلاكهم.
قوله سبحانه وتعالى: {وإذ قال موسى لفتاه} الآيات أكثر العلماء على أن موسى المذكور في هذه الآية هو موسى بن عمران من سبط لاوي بن يعقوب صاحب المعجزات الظاهرة وصاحب التوراة. وعن كعب الأحبار أنه موسى بن ميشا من أولاد يوسف بن يعقوب وكان قد تنبأ قبل موسى بن عمران. والقول الأول أصبح بدليل أن الله سبحانه وتعالى في كتابه لم يذكر العزيز موسى إلا أراد به صاحب التوراة فإطلاق هذا الاسم يوجب الانصراف إليه ولو أراد شخصاً آخر لوجب تعريفه بصفة توجب الامتياز بينهما وتزيل الشبهة فلما لم يميزه بصفة علمنا أنه موسى بن عمران صاحب التوراة وأما فتاه فالأصح أنه يوشع ابن نون بن أفراً ثم ابن يوسف وهو صاحب موسى وولي عهده بعد وفاته، وقيل إنه أخو يوشع وقيل فتاة يعني بده بدليل قوله صلى الله عليه وسلم «لا يقل أحدكم عبد ه وأمتي وليقل فتاي وفتاتي».
(ق) عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس أن نوفاً البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى بين إسرائيل فقال ابن عباس: كذب عدو الله حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن موسى عليه السلام قام خطيباً في بني إسرائيل فسأل أي الناس أعلم فقال أنا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله سبحانه وتعالى إليه إن لي عبد اً بمجمع البحرين هو أعلم منك، قال موسى: يا رب فكيف لي به قال: فخذ معك حوتاً فاجعله في مكتل فحيثما فقدت الحوت فهو ثم فأخذ حوتاً فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا الصخرة وضعا رأسيهما فناما، فاضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سرباً وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق، فلما استيقظ نسي صاحبه أن يخبره بالحوت وانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كانا من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال ولم يجد موسى النصب حتى جاوز المكان الذي أمره الله به فقال له فتاه {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجباً} قال فكان للحوت سرباً ولموسى ولفتاه عجباً فقال موسى {ذلك ما كنا نبغ فارتدا على أثارهما قصصاً} قال رجعا فقصا آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوب أبيض فسلم عليه موسى فقال الخضر وأنى بأرضك السلام فقال أنا موسى قال موسى بني إسرائيل؟ قال: نعم أتيتك لتعلمني ما علمت رشداً، قال: إنك لن تستطيع معي صبراً، يا موسى إني على علم من علم الله عملنيه لا تعلمه وأنت على علم من علم الله لا أعلمه فقال موسى: ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً فقال له الخضر: فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكراً. فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهم سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوهم بغير نول، فلما ركبا السفينة لم يفجأ موسى إلا والخضر قد قلع لوحاً من ألواح السفينة بالقدوم، فقال له موسى: قوم حملونا بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها {لقد جئت شيئاً إمراً قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسراً} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كانت الأولى من موسى نسياناً» قال وجاء عصفور فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر ما نقص علمي وعلمك من علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ثم خرجا من السفينة فبينما هما يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاماً يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر برأسه فاقتلعه بيده فقتله فقال له موسى:{أقتلت نفساً زكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكراً قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً} قال وهذه أشد من الأولى {قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذراً فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض} أي مائلا فقال الخضر بيده هكذا فأقامه فقال موسى قوم أتيناهم فلم يطعمونا ولم يضيفونا {لو شئت لاتخذت عليه أجراً قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبراً} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يرحم الله موسى، لوددت أنه صبر يقص علينا من أخبارهما» قال سعيد بن جبير فكان ابن عباس يقرأ: {وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً} وكان يقرأ: {وأما الغلام فكان كافراً وكان أبواه مؤمنين} وفي رواية عن أبي بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قام موسى عليه السلام ذكر الناس يوماً حتى إذا ما فاضت العيون ورقت القلوب ولى فأدركه رجل فقال: أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال: لا، فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى. فقال بلى قال أي رب وأين هو قال بمجمع البحرين قال خذ حوتاً ميتاً حيث ينفخ فيه الروح». وفي رواية «تزود حوتاً مالحاً فإنه حيث يفقد الحوت» زاد في رواية وفي أصل الصخرة عين يقال لها الحياة لا يصيب من مائها شيء إلا حي فأصاب الحوت من ماء تلك العين فتحرك وانسل من المكتل فدخل البحر ورجعنا إلى التفسير. قوله سبحانه وتعالى: {لا أبرح} أي لا أزال أسير {حتى أبلغ مجمع البحرين} قيل أراد بحر فارس والروم مايلي المشرق وقيل طنجة وقيل إفريقية {أو أمضي حقباً} يعني أو أسير دهراً طويلاً. والحقب ثمانون سنة فحمل خبزاً وسمكة مالحة في المكتل وهو الزنبيل الذي يسع خمسة عشر صاعاً ومضيا حتى انتهيا إلى الصخرة التي عند مجمع البحرين وعندها عين تسمى عين الحياة لا تصيب شيئاً إلا حيي فلما أصاب السمكة روح الماء وبرده اضطربت في المكتل وهاجت ودخلت في البحر.


{فلما بلغا} يعني موسى وفتاه {مجمع بينهما} أي بين البحرين {نسيا} أي تركا {حوتهما}. وإنما كان الحوت مع يوشع بن نون، وهو الذي نسيه وإنما أضاف النسيان إليهما تزواده لسفرهما وقيل المراد من قوله نسيا حوتهما أي نسيا كيفيه الاستدلال بهذه الحالة المخصوصة على الوصول للمطلوب. {فاتخذ} أي الحوت {سبيله في البحر سرباً} أي مسلكاً. وروى أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه سلم أنه قال: «أنجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لم يلتئم فدخل موسى الكوة على أثر الحوت فإذا هو بالخضر» قال ابن عباس: جعل الحوت لا يمس شيئاً من البحر إلا يبس حتى صخرة، وقد روينا أنهما لما انتهيا إلى الصخرة وضعا رؤوسهما فناما واضطرب الحوت فخرج فسقط في البحر فاتخذ سبيله في البحر سرباً فأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما استيقظ موسى نسي صاحبه أن يخبره فانطلقا حتى إذا كان من الضد وهو قوله سبحانه وتعالى: {فلما جاوزوا} يعني ذلك الموضع وهو مجمع البحرين {قال} يعني موسى {لفتاه آتنا غداءنا} أي طعامنا {لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً} أي تعباً وشدة وذلك أنه ألقي على موسى الجوع بعد ما جاوز الصخرة ليتذكر الحوت ويرجع في طلبه.

1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7